في خطوة تعكس قوة الصناعة المصرية وقدرتها على المنافسة العالمية، كشفت أحدث تقارير مركز معلومات مجلس الوزراء المصري، بالتعاون مع وزارة البترول والثروة المعدنية والهيئة العامة للصناعات الكيماوية، عن تفوق مصر في مجال تصنيع وتصدير الأسمدة المعدنية والمغذيات الزراعية، لتحتل المركز الأول عربيًا والخامس عالميًا في إنتاج سماد اليوريا، بإنتاجية تتجاوز 7.6 مليون طن سنويًا، وفق بيانات عام 2023.
السر وراء الصدارة المصرية: استثمارات ضخمة وموارد طبيعية
تُعد مصر من أبرز اللاعبين في السوق العالمية للأسمدة بفضل عدة عوامل، أبرزها:
- الوفرة الطبيعية للغاز الطبيعي (المادة الخام الرئيسية لليوريا)، حيث تمتلك مصر احتياطيات ضخمة تدعم صناعة الأسمدة بكفاءة.
- البنية التحتية المتطورة، مثل مجمعات الأسمدة العملاقة في دمياط والسويس والعين السخنة، والتي تديرها شركات رائدة مثل “النصر للكيماويات الوسيطة” (MOPCO) و“الشركة المصرية للأسمدة (EFC).
- الممرات اللوجستية الاستراتيجية، حيث يُسهّل موقع مصر الجغرافي تصدير الأسمدة عبر موانئ البحر الأحمر والمتوسط وقناة السويس إلى أسواق أفريقيا وأوروبا وآسيا.

أرقام تكشف عن طفرة غير مسبوقة
- وفقًا لتقرير جهاز التعبئة العامة والإحصاء (CAPMAS)، ساهمت الصادرات المصرية من الأسمدة بنحو 5.2 مليار دولار خلال العام المالي 2022/2023.
- تُصدّر مصر 65% من إنتاجها إلى أكثر من 100 دولة، أبرزها: الهند والبرازيل والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي.
- تشير توقعات وزارة التجارة والصناعة إلى مضاعفة الإنتاج خلال السنوات الخمس المقبلة، بدعم من خطة الدولة لتحويل مصر إلى مركز إقليمي للصناعات الكيماوية.
رؤية مصر 2030: استدامة وابتكار
لا تقتصر الاستراتيجية المصرية على زيادة الكميات، بل تمتد إلى:
- التصنيع الأخضر: عبر مشروعات لإنتاج الأمونيا الخضراء بالتعاون مع شركات دولية، مثل مشروع “النوبارية” الذي يُنتظر أن يقلل الانبعاثات الكربونية بنسبة 40%.
- دعم المزارع المصري: وفقًا لتصريحات الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، فإن زيادة الإنتاج ساهمت في خفض أسعار الأسمدة محليًا بنسبة 25%، ما يعزز الأمن الغذائي.
- شراكات دولية: مثل التعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD) لتمويل تطوير مصانع الأسمدة.
تصريحات مسؤولين: “مصر قادرة على تغذية العالم”
في حديث حصري لموقعكم، أكد المهندس تامر أبو بكر، رئيس مجلس إدارة إحدى شركات الأسمدة الرائدة، أن “الاستثمارات الجارية في مجمعات إسنا وبني سويف ستدعم مكانة مصر كـهابو عالمي للأسمدة”، مضيفًا أن “التركيز على التكنولوجيا الحديثة جعل منتجات مصر تنافس نظيرتها الأوروبية بجودة عالية وتكلفة أقل”.

التحديات وفرص النمو
رغم النجاحات، تواجه الصناعة تحديين رئيسيين:
- ارتفاع أسعار الغاز عالميًا.
- المنافسة الشرسة من دول مثل روسيا والصين.
لكن الخبراء، ومنهم الدكتور هاني الكومي (خبير الطاقة)، يرون أن اتفاقيات التصدير طويلة المدى مع الدول الأفريقية، وبرامج التحول الرقمي في الإنتاج، ستحافظ على الصدارة المصرية.
صناعة الأسمدة… قاطرة الاقتصاد المصري
تُجسد صناعة الأسمدة نموذجًا للنجاح المصري في تحويل الموارد الطبيعية إلى قيمة مضافة تعود بالنفع على الاقتصاد والمزارعين، وتؤكد التقارير الدولية، مثل تقرير منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، أن مصر في طريقها لأن تصبح أحد أقطاب الصناعة الكيماوية العالمية بحلول 2030.
اترك رد