وقَّعت الدولة العثمانية والإمبراطورية الرومانية معاهدة سيتفاتوروك عام 1015 هـ / 1606م، منهية حربًا استمرت 15 عامًا. كانت هذه المعاهدة نقطة تحول لأنها:
- اعترفت بالمساواة بين الطرفين للمرة الأولى، حيث تخلى العثمانيون عن لقب “إمبراطور الروم” لخصومهم.
- حدَّدت دفع الإتاوات السنوية من النمسا للعثمانيين بـ30 ألف قطعة ذهبية.
- كسرت فكرة التفوق العسكري العثماني في أوروبا، وفقًا لمركز الأرشيف العثماني.
إعلان الحرب: لماذا بعد 56 عامًا؟
في 4 رمضان 1063 هـ (1653م)، قررت الدولة العثمانية إعلان الحرب على ألمانيا مجددًا، بسبب:
- تدهور الحدود: تصاعد غارات القوات الألمانية على المناطق العثمانية في المجر.
- انتهاكات المعاهدة: امتناع الإمبراطورية الرومانية عن دفع الجزية بشكل منتظم، كما أشارت وثائق الأرشيف العثماني.
- الصراع على ترانسيلفانيا: دعم العثمانيون الأمير جورج راكوتزي الثاني ضد النفوذ الألماني.
مسار الحرب وتداعياتها
- معركة سانت جوتارد (1074 هـ / 1664م): هُزم الجيش العثماني بقيادة كوبريللي فاضل أحمد باشا أمام تحالف أوروبي بقيادة ريموندو مونتيكوكولي، مما أجبر العثمانيين على التفاوض.
- معاهدة فاسفار (1664م): أنهت الحرب، وشملت بنودًا مثيرة للجدل:
- تنازل العثمانيون عن قلعة نوفي زامكي الإستراتيجية.
- وافقت الإمبراطورية الرومانية على دفع 200 ألف فلورين ذهبي كتعويض مرة واحدة.
- اعتراف الطرفين بحدود ما قبل الحرب، وفقًا لمركز الدراسات التاريخية بإسطنبول.

تحليل النتائج: لماذا خسر العثمانيون هيبتهم؟
- تراجع التوسع العثماني: كانت هذه آخر محاولة عثمانية كبرى لغزو أوروبا الوسطى، كما يوضح المؤرخ خليل إينالجيك.
- تصاعد النفوذ الأوروبي: بدأت القوى الأوروبية (خاصة النمسا وفرنسا) في تشكيل تحالفات مضادة للعثمانيين.
- أزمة داخلية: كشفت الحرب عن ضعف الإدارة العسكرية والمالية العثمانية، مما مهَّد لـ”حقبة الكوارث” في القرن التالي.

دروس مستفادة للمؤرخين
- توازن القوى: أثبتت المعاهدات أن التفاوض قد يكون أكثر فاعلية من الحرب في تحقيق المصالح.
- أهمية التحالفات: فشل العثمانيين في كسب دعم حلفاء أوروبيين، بينما نجح الألمان في تعزيز تحالفهم مع فرنسا.
- إدارة الموارد: أدى إهمال تحديث الجيش العثماني إلى خسارته التفوق التقليدي، وفقًا لدراسات جامعة الأزهر حول التاريخ العسكري الإسلامي.
حرب غيّرت خريطة أوروبا
رغم أن إعلان الحرب في 4 رمضان 1063 هـ لم يُحقق نصرًا حاسمًا للعثمانيين، إلا أنه كشف عن تحوُّلات جيوسياسية عميقة، حيث بدأت أوروبا تتصدر المشهد العالمي على حساب الإمبراطوريات التقليدية.
اترك رد