سمفونيات الأوراق.. فنان كندي يعزف على أوراق الشجر

الفنان الكندي يعزف على أوراق الشجر

في عالمٍ تُسيطر عليه التكنولوجيا، يخرج الفنان الكندي ذو الأصول الهندية تارون نايار عن المألوف ليحوّل النباتات من كائنات صامتة إلى “فرق موسيقية” حيّة تنبض بأنغام تجمع بين العلم والفن. باستخدام مجسات إلكترونية وابتكارات صوتية، يكشف نايار عن عالمٍ خفيّ من الإيقاعات التي تُصدرها النباتات، مُعيدًا تعريف الحوار بين البشر والطبيعة.

الطبيعة تعزف: التقنية وراء الموسيقى الخضراء

بدلًا من الآلات التقليدية، يعتمد نايار على جهاز “المُركِّب الصوتي المعياري” (modular synthesizer) ومجسات متطورة تُثبّت على أوراق النباتات وسيقانها. تلتقط هذه المجسات التغيرات الكهربائية الدقيقة التي تُنتجها النباتات استجابةً لعوامل مثل الضوء أو اللمس أو حتى وجود الجمهور حولها. تُحوَّل هذه النبضات البيولوجية إلى نوتات موسيقية عبر خوارزميات رقمية، لتصبح كل نبتة “عازفًا” فريدًا بإيقاعه المتغيّر الذي يعكس حالته الحيوية لحظة بلحظة.

حفلات حية: حوار بين النبات والإنسان

من الحدائق العامة إلى صالات الفنون، تُقدَّم عروض نايار كتجربة “استماع تفاعلية”، حيث يصبح الجمهور جزءًا من الأداء. كل حركة أو تغير في البيئة المحيطة (مثل تغير الإضاءة أو رش الماء) يؤثر على الإشارات الكهربائية للنبات، مما يُنتج مقطوعات لا تتكرر أبدًا. “ليست الموسيقى هنا مجرد تسجيلات مبرمجة، بل لغة حية تُترجم شعور النبتة”، يوضح نايار.

أكثر من فن: رسالة بيئية بصوت النبتة

وراء الإبداع الفني، يختبئ هدف أعمق: إعادة التواصل مع الطبيعة. يؤمن نايار بأن سماع “صوت” النباتات قد يُغيّر نظرتنا إليها: “عندما تسمع نبتةً تعزف مقطوعةً حزينة لأنها عطشى، أو مبهجةً عندما تُلامس أشعة الشمس أوراقها، ستدرك أنها كائنات حيّة تستحق الاحترام”. يعمل الفنان مع علماء بيولوجيا لتحويل بيانات النباتات إلى مؤشرات تُستخدم في أبحاث الاستدامة، كما يُنظّم ورشًا لتعليم الصغار صنع آلاتهم الصوتية من النباتات المنزلية.

مستقبل الموسيقى الخضراء: هل ستغني الغابات؟

يتخيل نايار مستقبلًا تُصبح فيه “حدائق موسيقية” جزءًا من حياتنا اليومية، حيث تُعلّق المجسات على أشجار الشوارع لتعزف سيمفونيات هادئة مع هبوب الرياح، أو تُستخدم تقنيته لمراقبة صحة الغابات عبر التغيرات في إيقاعاتها الصوتية. “هذا ليس خيالًا علميًا”، يقول مبتسمًا. “النباتات تتحدث بالفعل، والعلم يمنحنا اليوم أذنًا لنسمعها”.

الطبيعة لم تعد صامتة

يُقدّم تارون نايار نموذجًا لفنٍ لا يستهلك الطبيعة، بل يسمح لها بالتعبير عن نفسها. في تجاربه، تصبح النبتة شريكةً في الإبداع، لا خلفيةً ثابتة. ربما تكون هذه الخطوة الأولى نحو عصرٍ جديد نتعلم فيه الاستماع إلى الأرض — ليس بأذن البشر، بل بأصوات كائناتها.

الأكثر قراءة:

اترك رد

شعار موقع هوسة
شعار موقع هوسة