عندما يتشابك الموت مع الولادة.. لغز الوضعية الجنينية
بين رمال الصحراء المصرية، حيث تختلط حكايا الماضي بالأسرار، تكمن إجابة سؤال حير الباحثين لعقود: لماذا دُفن أسلافنا القدماء وهم في وضع يشبه الأجنة؟

“دفنة القرفصاء” – تلك الطريقة الغامضة التي انتشرت في عصور ما قبل التاريخ والعصر العتيق – لم تكن مجرد عادة جنائزية، بل رسالة محفورة بالجسد تُعلن إيماناً عميقاً بـ”العودة إلى الأصل”.
جسدٌ يُحاكي بذرة الحياة.. فلسفة الخلود المصري
وفقاً لخبراء المتحف المصري، يتمثّل السر في ثني الركبتين وضمهما إلى الصدر، محاكاةً لوضع الجنين في رحم الأم. هذه الرمزية لم تكن عبثية:
- إشارة إلى الدورة الكونية: الموت ليس نهاية، بل بداية حياة جديدة.
- اتصال بالأرض: كالبذرة المدفونة التي تنتظر الإنبات.
- حماية روحية: الحفاظ على الجسد في شكلٍ مغلق يقي الأرواح الشريرة.
من عصور ما قبل الأسرات إلى أسرار لم تُحل
عُثر على عشرات الهياكل العظمية بهذه الوضعية في مواقع مثل:
- مقابر بداري (صعيد مصر)
- مناطق دفن العصر الحجري الحديث
لكن الأسئلة ما زالت معلقة: - هل ارتبطت الطقوس بمعتقدات محددة عن الخلق؟
- لماذا تراجعت هذه الممارسة مع ظهور الدولة القديمة؟
جولة داخل المتحف المصري.. حيث يتحدث الصمت
اليوم، يمكن لزوار المتحف المصري أن يشهدوا هذه الرؤية الفلسفية مجسدة في هياكل عظمية تعود لآلاف السنين. كل دفنة تقول: “هكذا رأى أجدادنا الموت – بوابة، لا نهاية”.
“دفنة القرفصاء” ليست مجرد وضعية جسدية، بل شهادة على عقلية إنسانٍ قديم رأى في الموت بدايةً لا اختتامًا.. فلسفةٌ ما زالت تُلهم الباحثين لسبر أغوار ذلك الإرث الإنساني الخالد.
اترك رد