تتصاعد الأزمة الكلامية بين إسرائيل ومصر بعد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي صدرت أمس الأحد في مقابلة مع إحدى القنوات الإعلامية الأمريكية. ففي تلك التصريحات، وجه نتنياهو اتهامات لاذعة لمصر، مدعيًا أنّها تُعيق خروج سكان قطاع غزة من القطاع، مما جعل مصر تردّ برد فعل رسمي حازم من وزارة الخارجية المصرية.
تصريحات نتنياهو ومضمونها
في المقابلة التي أجريت مع قناة فوكس نيوز، صرّح نتنياهو بأن قطاع غزة أصبح “سجنًا مفتوحًا”، وأن مصر تمنع الفلسطينيين من مغادرة القطاع بشكل طوعي، مشيرًا إلى أن بعض المواطنين الأثرياء تمكنوا من الخروج عبر تقديم رشاوى لحراس المعبر، بينما بقي الآخرون محاصرين داخل القطاع. وأضاف نتنياهو أن الفلسطينيين الذين طلبوا مغادرة غزة لم يُمنحوا الفرصة بسبب السياسات المصرية، مؤكدًا بأن هناك من يجب أن يُتاح لهم خيار الانتقال إلى مناطق أخرى كبديل مؤقت لحل الأزمات الإنسانية التي يعاني منها القطاع.
رد وزارة الخارجية المصرية
ردت وزارة الخارجية المصرية على تصريحات نتنياهو ببيان رسمي أُصدر مساء الأحد، حيث أوضحت أن تلك الادعاءات “مضللة” وتشكل محاولة لتشتيت الانتباه عن الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني. وذكرت الوزارة أن مصر، منذ بدء العدوان على غزة، تبذل جهوداً مضنية لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة إلى القطاع؛ حيث تم إرسال أكثر من 5000 شاحنة مساعدات، إلى جانب تسهيل عبور الجرحى والمصابين ومزدوجي الجنسية.
وأكد البيان على أن التصريحات التي أدلى بها نتنياهو تُهدف إلى تبرير سياسات الاحتلال وتخفيف الضغوط الدولية عن إسرائيل، في وقت يشهد القطاع معاناة إنسانية مبررة نتيجة الحصار المستمر وتدمير المنشآت الحيوية كالمستشفيات والمدارس ومحطات الكهرباء ومياه الشرب.
الدلالات الجيوسياسية والسياسية للتصريحات
يمثل هذا التصعيد اللفظي جزءاً من سلسلة من الأحداث التي تعكس التوتر المتصاعد في العلاقات بين الجهات الإقليمية في الشرق الأوسط. ففي بيانها، شددت القاهرة على التمسك بالثوابت المصرية والعربية الراسخة، معتبرةً حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ويأتي هذا التأكيد في وقت تتصاعد فيه الدعوات الإقليمية والدولية لوقف محاولات تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، في ظل اقتراحات أمريكية وبعض التصريحات الإسرائيلية التي تسعى إلى إعادة تشكيل الخريطة السياسية للمنطقة.
كما استُخدمت هذه التصريحات لتسليط الضوء على دور مصر الإنساني في دعم الشعب الفلسطيني، حيث أثبتت القاهرة من خلال جهودها المبذولة في إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة أنها لا تعمل على تهجير السكان، بل على تخفيف معاناتهم وإيجاد حلول مستدامة لأزمة القطاع. هذا الموقف يأتي في إطار سياسة مصر التي ترفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين أو تغيير التركيبة السكانية للقطاع بوسائل غير مشروعة، وهو ما تتشارك فيه الدول العربية والجهات الدولية المؤيدة للقضية الفلسطينية.
ردود الفعل الدولية والإقليمية
لم يقتصر التوتر على الصعيد المصري والإسرائيلي فحسب، بل شهدت المنطقة عدة ردود فعل إقليمية ودولية. فقد أدانت العديد من الجهات الرسمية والمنظمات الحقوقية ما وصفته بتصريحات استفزازية تهدف إلى تبرير الانتهاكات ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة. وقد أكدت دول عربية وإسلامية موقفها الرافض لأي محاولة لإجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم، معتبرةً أن القضية الفلسطينية تحتاج إلى حل عادل وشامل يستند إلى القرارات الدولية والشرعية.
كما كان لهذه التصريحات أصداء على المستوى الدولي، حيث طالبت جهات عدة بإعادة النظر في السياسات الإسرائيلية حيال قطاع غزة ومطالبات بتطبيق العقوبات على الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة بحق المدنيين.
اترك رد