حمية البحر المتوسط… أكثر من مجرد نمط غذائي
تشجع كبرى المؤسسات الصحية، مثل مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، على الحفاظ على وزن صحي، لما لذلك من فوائد صحية في الوقاية من أمراض مزمنة مثل أمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم. ومع ذلك، فإن فقدان الوزن قد يصاحبه تأثيرات سلبية غير مرغوب فيها، مثل انخفاض الكتلة العظمية، وهو ما قد يشكل خطراً على الأشخاص المعرضين للإصابة بهشاشة العظام أو قلة كثافة العظام (Osteopenia).
لكن دراسة جديدة نُشرت في أبريل 2025 بمجلة «JAMA Network Open» تقلب هذه الفرضية رأساً على عقب، وتقدم دليلاً علمياً على أن الالتزام بنظام البحر المتوسط الغذائي مع ممارسة الرياضة المنتظمة قد يساهم في تقليل فقدان الكتلة العظمية لدى كبار السن من النساء.
تفاصيل الدراسة: كيف تم تصميمها؟
اعتمد الباحثون في دراستهم على بيانات من مشروع Predimed-Plus، والذي تناول تأثير حمية البحر المتوسط منخفضة السعرات الحرارية والنشاط البدني والدعم السلوكي في الوقاية من أمراض القلب وخفض الوزن.
شارك في الدراسة 924 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 55 و75 عامًا، جميعهم يعانون من متلازمة التمثيل الغذائي وكانوا ضمن فئة الوزن الزائد أو السمنة. تم تقسيم المشاركين عشوائيًا إلى مجموعتين:
- المجموعة الأولى (الضابطة): اتبعت نظامًا غذائيًا متوسطيًا تقليديًا بدون قيود سعرات حرارية أو توصيات نشاط بدني محددة.
- المجموعة الثانية (التدخلية): التزمت بخطة غذائية متوسطية منخفضة السعرات بنسبة 30%، إلى جانب برنامج رياضي منتظم يتضمن:
- المشي 45 دقيقة يوميًا، ستة أيام في الأسبوع
- تدريب مقاومة لمدة 30 إلى 40 دقيقة مرتين أسبوعيًا
- تمارين توازن ومرونة ثلاث مرات أسبوعيًا
وقد خضع جميع المشاركين لفحوصات لكثافة العظام في مناطق هامة مثل العمود الفقري والفخذ.
النتائج: النساء استفدن بشكل ملحوظ
بعد متابعة استمرت ثلاث سنوات، أظهرت النتائج أن النساء في المجموعة الثانية شهدن انخفاضًا أقل في كثافة العظام بمنطقة العمود الفقري القطني، مقارنة بنظيراتهن في المجموعة الضابطة.
ويشير الباحثون إلى أن الجمع بين نظام غذائي منخفض السعرات ونشاط بدني منتظم واستراتيجيات دعم سلوكي قد يكون وسيلة فعالة للحد من فقدان العظام لدى النساء الأكبر سنًا اللاتي يعانين من السمنة أو اضطرابات التمثيل الغذائي.
قيود الدراسة: يجب أخذ النتائج بحذر
رغم أهمية النتائج، نبه الباحثون إلى أن ترسب الكالسيوم في العمود الفقري مع التقدم في العمر قد يؤثر على دقة قياسات كثافة العظام، ما يستدعي توخي الحذر في تفسير النتائج. كما أن اعتماد المشاركين في المجموعتين على حمية البحر المتوسط، حتى بدون توجيه مباشر في المجموعة الضابطة، قد يؤثر على المقارنة بين المجموعتين.
لماذا هذا مهم في حياتنا اليومية؟
تُقدر عدد حالات هشاشة العظام في الولايات المتحدة وحدها بنحو 54 مليون حالة. وتشير التقديرات إلى أن واحدة من كل امرأتين، وواحد من كل أربعة رجال فوق الخمسين، سيعانون من كسور بسبب هشاشة العظام.
ومع تراجع هرمون الإستروجين بعد سن اليأس، تزداد احتمالية فقدان الكتلة العظمية لدى النساء. لهذا، فإن إيجاد طرق لفقدان الوزن مع الحفاظ على صحة العظام يعد خطوة حاسمة لضمان حياة صحية ونشيطة بعد سن الخمسين.
اتباع نظام البحر المتوسط الغذائي منخفض السعرات، مع ممارسة الرياضة والالتزام بخطط سلوكية مدروسة، قد يشكل وسيلة ناجعة للحفاظ على صحة العظام لدى كبار السن، خاصة النساء المصابات بالسمنة أو اضطرابات التمثيل الغذائي.
هذه النتائج تمنح الأمل في إمكانية الجمع بين فقدان الوزن وحماية العظام في الوقت نفسه، شرط أن يتم ذلك تحت إشراف مختصين، وضمن إطار صحي ومتوازن.
اترك رد