في واقعة أثارت استغراب المجتمع الفرنسي، ألقت الشرطة القبض على رجل يبلغ من العمر ٤٨ عامًا وابنه البالغ من العمر ١٨ عامًا، بعدما تمكنا من خداع نحو ١٠٠ مطعم في منطقة طولون جنوب فرنسا، باستخدام حيلة متقنة امتدت على مدار ثلاث سنوات كاملة.
ثلاثة أعوام من الخداع بلا انقطاع
القصة بدأت -حسب موقع oddity central – عندما لاحظت السلطات تكرار شكاوى من مطاعم محلية تتحدث عن زبائن يغادرون دون دفع الفاتورة، لكن بأسلوب يوحي بالاحترام والثقة. التحقيقات قادت إلى الثنائي الأب والابن، اللذين كانا يتنقلان بين المطاعم الودية التي يشتهر أصحابها بحسن استقبالهم، بناءً على تقييمات الإنترنت.
الخطة كانت بسيطة في ظاهرها لكنها محكمة التنفيذ. كان الأب وابنه يدخلان المطعم بهندام أنيق، ويطلبان وجبة كاملة من المقبلات إلى الحلوى مرورًا بالنبيذ والمشروبات الهضمية، وتتراوح الفاتورة بين ٨٠ إلى ١٥٠ يورو. وعند وصول وقت الدفع، يقدم الأب بطاقة ائتمان لا تعمل، ثم يطلب من ابنه الذهاب إلى ماكينة صراف آلي لسحب النقود، ليعود الأخير خالي الوفاض.
هنا يتدخل الأب معتذرًا بلطف، ويترك بطاقة هويته أو بطاقته الاجتماعية كضمان، مع وعد صادق ظاهريًا بالعودة في اليوم التالي لتسوية الحساب. غير أن هذا اليوم لا يأتي أبدًا، بل يقوم الأب بالإبلاغ عن ضياع بطاقته لدى الجهات المختصة ليحصل على بطاقة جديدة، ويعيد الكرّة في مطعم آخر.
المثير في الأمر أن هذه الحيلة تكررت عشرات المرات دون أن ينتبه أحد، بسبب اعتماد الثنائي على استهداف المطاعم التي يغلب عليها الطابع الودي والتسامح، وتجنّبهم العودة إلى نفس المكان مرتين.
خطة مدروسة تنتهي بفضيحة على مواقع التواصل
لكن هذه السلسلة من الخداع توقفت في أغسطس الماضي، حين قرر أحد أصحاب المطاعم نشر صورة البطاقة التي تركها المحتالان، مرفقة بتفاصيل الواقعة على مواقع التواصل الاجتماعي. المنشور انتشر كالنار في الهشيم، وسرعان ما انهالت تعليقات من أصحاب مطاعم آخرين، يؤكدون تعرضهم للاحتيال ذاته بنفس الطريقة ونفس الأسماء.
الشرطة الفرنسية تضع حدًا للاحتيال «الودي»
مع تصاعد ردود الفعل، تقدّم 43 صاحب مطعم بشكاوى رسمية إلى الشرطة، التي كثفت تحرياتها حتى تمكنت من التعرف على هوية الأب والابن والقبض عليهما مطلع أبريل الجاري. وأثناء التحقيق، اعترف الاثنان بما ارتكباه من عمليات احتيال استمرت بين يناير 2021 وأغسطس 2024، حيث أقر الأب بتنفيذه لنحو 100 عملية، فيما أكد الابن أنهما كانا يتناولان الطعام مجانًا أحيانًا ثلاث مرات أسبوعيًا.
وتبيّن من التحقيقات أن بعض الضحايا كانوا على علم بالخدعة، لكنهم لم يتخذوا أي إجراءات بسبب انشغالهم أو تهوينهم من قيمة الخسارة، وهو ما ساعد المحتالَين على الاستمرار في تنفيذ خطتهما دون عوائق تُذكر.
هكذا انتهت واحدة من أغرب عمليات الاحتيال في تاريخ المطاعم الفرنسية، بعد أن نجح أب وابنه في خداع العشرات بمظهر أنيق وكلمات معسولة ووعد لا يُوفى.
اترك تعليقاً