في حلقة ساخنة من برنامج “محل نقاش” على قناة “العربية”، اشتعل الجدل بين الدكتور محمد بن خروف، المتخصص في العلاقات الدولية، والكاتب الصحفي المصري أسامة الدليل، حول دور مصر في أزمة غزة. عكس الحوار تباينًا حادًا في الآراء حول كيفية تعامل القاهرة مع الحصار على قطاع غزة، مسلطًا الضوء على الانقسام العربي الأوسع بشأن هذه القضية المعقدة. النقاش تجاوز مجرد تبادل وجهات النظر ليصبح مواجهة فكرية بين رؤيتين مختلفتين تمامًا للواقع.
دعوة للتحرك الإنساني: وجهة نظر الدكتور بن خروف
من جهته، وجه الدكتور محمد بن خروف انتقادًا صريحًا لدول الجوار، وعلى رأسها مصر، معتبرًا أن مسؤوليتها الإنسانية تستوجب منها تحركًا أكبر وأكثر فاعلية. وأشار إلى أن الأوضاع في القطاع قد وصلت إلى “الخط الأحمر” مع وفاة أطفال نتيجة الجوع، وهو ما يتطلب موقفًا استثنائيًا. أكد بن خروف أن معبر رفح، الذي تسيطر عليه مصر، يمثل شريان حياة يمكن أن يُفتح بالكامل لإدخال مساعدات غزة، واصفًا ذلك بأنه “واجب إنساني لا يمكن التملص منه”. كما نفى بشدة المخاوف من أن يؤدي فتح المعبر إلى تهجير الفلسطينيين، مؤكدًا أن تمسكهم بأرضهم أقوى من أي محاولة لفرض هذا السيناريو.
دفاع عن السيادة والأمن: رد الأستاذ أسامة الدليل
في المقابل، دافع الأستاذ أسامة الدليل بقوة عن موقف بلاده، مؤكدًا أن تحميل مصر مسؤولية الحصار أمر غير عادل. أوضح الدليل أن مصر قدمت تضحيات جسيمة من أجل القضية الفلسطينية، وأن أي حديث عن فتح معبر رفح بشكل عشوائي يغفل حقيقة أن هذا المعبر مُخصص أساسًا للأفراد وليس لنقل البضائع، وأن السيطرة على المعابر الأخرى تقع على عاتق إسرائيل. شدد الدليل على أن مصر تدافع عن أمن مصر القومي، وأن أي خطوة غير محسوبة قد تخدم مخططات إسرائيل لتهجير سكان غزة. كما أشار إلى أن إغلاق الأنفاق كان ضرورة قصوى لمواجهة التهديدات الأمنية التي كانت تستهدف سيناء.
تباين الرؤى: بين العاطفة والواقعية السياسية
كشف النقاش عن اختلاف جوهري في مقاربة القضية. ركز بن خروف على البعد الأخلاقي والإنساني للقضية، داعيًا إلى تحرك فوري لإنقاذ الأرواح. في المقابل، انطلق الدليل من رؤية واقعية تراعي الاعتبارات الأمنية والسياسية، وحذر من العواقب المحتملة لأي قرار غير مدروس. هذا التباين يعكس التحدي الذي تواجهه الدول العربية في الموازنة بين واجبها الإنساني ومتطلبات أمنها القومي.
اترك رد