أوراق الفصائل بعد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.. ماذا تبقى منها؟

قطاع غزة

في خضم التطورات الأخيرة لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، تبرز تساؤلات حول ما تبقى للحركة من أوراق تفاوضية بعد انتهاء المرحلة الأولى، خاصةً في ما يتعلق بالأسرى الإسرائيليين، وكيفية تعاملها مع الملفات الأخرى التي قد تشكل رافعة سياسية وأمنية في المفاوضات القادمة.

الأسرى الإسرائيليون المتبقون لدى حماس بعد المرحلة الأولى

وفقًا للاتفاق الحالي، تشمل المرحلة الأولى إطلاق سراح 33 محتجزًا إسرائيليًا (أحياء وأمواتًا)، حيث أعلنت حماس تسليم جثث 4 محتجزين يوم 20 فبراير، والإفراج عن 6 أحياء يوم 22 فبراير . وبحسب التصريحات الإسرائيلية، فإن العدد الإجمالي للأسرى الذين ستحصل عليهم إسرائيل في هذه المرحلة يصل إلى 33، تاركًا لدى حماس 59 محتجزًا إسرائيليًا، بينهم 28 قتيلًا على الأقل، يُفترض إطلاق سراحهم جميعًا في نهاية المرحلة الثانية .

هذا العدد المتبقي يشكل رافعةً رئيسية لحماس في التفاوض على بنود المرحلة الثانية، التي تناقش وقفًا دائمًا لإطلاق النار وانسحابًا إسرائيليًا كاملاً من غزة، بالإضافة إلى صفقة تبادل أسرى شاملة تُطلق فيها حماس جميع المحتجزين دفعة واحدة مقابل إفراج إسرائيل عن آلاف الأسرى الفلسطينيين .

الأوراق التفاوضية الأخرى لحماس بعد المرحلة الأولى

لا تقتصر أوراق حماس على ملف الأسرى فحسب، بل تمتد إلى عدة محاور تعزز موقفها التفاوضي:

1. الملف الإنساني وإعادة الإعمار

أصرت حماس على ربط تنفيذ الاتفاق بتحسين الأوضاع الإنسانية في غزة، بما يشمل:

  • إدخال المساعدات الإغاثية بكميات كبيرة (600 شاحنة يوميًا) .
  • السماح بدخول المعدات الثقيلة والكرفانات لإيواء النازحين .
  • إعادة تأهيل البنية التحتية المدمرة، مثل الكهرباء والمياه .
    هذه المطالب تُستخدم كضغط لدفع إسرائيل للالتزام بالاتفاق، خاصةً مع تحذيرات المنظمات الدولية من كارثة إنسانية متفاقمة .

2. الموقف من نزع السلاح والوجود العسكري

ترفض حماس بشكل قاطع شروط إسرائيل المتعلقة بنزع سلاحها أو خروج قياداتها من غزة، وتعتبرها “حربًا نفسية” . كما تشدد على أن أي اتفاق دائم يجب أن يشمل انسحابًا كاملاً للقوات الإسرائيلية من القطاع، وفتح المعابر البرية والبحرية . وهذا الموقف يعكس محاولة حماس الحفاظ على دورها كفصيل مسلح وسياسي مهيمن في غزة.

3. التفاوض عبر الوسطاء الدوليين

تعتمد حماس على وساطة قطر ومصر والولايات المتحدة لضمان تنفيذ بنود الاتفاق، حيث تلعب هذه الدول دورًا حاسمًا في مراقبة التزام الجانبين، خاصةً مع اتهامات حماس المتكررة لإسرائيل بالتلكؤ في تنفيذ وعودها . كما أن الدعم القطري المالي والإغاثي يُعد ورقةً مهمة لتعزيز ثقة السكان المحليين بالحركة .

4. المناورات السياسية والتوقيت

استخدمت حماس تكتيكات مثل تأجيل تسليم الأسرى سابقًا كرد على انتهاكات إسرائيلية مزعومة لوقف إطلاق النار . كما تسعى لتسريع الانتقال إلى المرحلة الثانية قبل أن تتمكن إسرائيل من تعطيل المفاوضات، خاصةً مع اقتراب شهر رمضان وضغوط المجتمع الدولي لتحقيق هدنة دائمة .

5. الملف الديموغرافي وخطة التهجير

تواجه حماس مخططات إسرائيلية مدعومة أمريكيًا لتهجير سكان غزة طوعيًا إلى دول ثالثة، وهو ما تعتبره “مؤامرة لتفريغ القطاع من سكانه” . ولمواجهة ذلك، تعمل الحركة على تعزيز خطاب التمسك بالأرض عبر تحسين خدمات الإيواء ودعم النازحين، مما يعزز شرعيتها الداخلية .

التحديات والمخاطر المحتملة

رغم امتلاك حماس لأوراق قوية، فإنها تواجه تحديات جادة:

  • الانقسام الداخلي الفلسطيني: غياب توافق مع السلطة الفلسطينية قد يُضعف الموقف التفاوضي الموحد.
  • الضغوط الإسرائيلية: إصرار إسرائيل على نزع سلاح حماس كشرط لأي اتفاق دائم .
  • المخاوف الأمنية: أي انتكاسة في المفاوضات قد تعيد المنطقة إلى دوامة العنف، مما يفاقم الأوضاع الإنسانية.

مستقبل التفاوض بين المرحلتين

تبقى حماس في موقع قوة نسبي بسبب امتلاكها 59 محتجزًا إسرائيليًا، وقدرتها على ربط الملف الإنساني والأمني ببعضه. ومع ذلك، فإن نجاح المرحلة الثانية مرهون بتوافق دولي على صيغة تقبلها إسرائيل دون إفراغ الاتفاق من مضمونه. قد تشهد الفترة القادمة تصعيدًا في الخطاب السياسي، لكن المؤشرات الحالية تُظهر أن كلا الطرفين يدرك مخاطر العودة إلى الحرب، مما يدفع نحو حلول وسطى، وإن كانت هشة.

بهذا، تظل حماس قادرة على المناورة بين أوراقها التفاوضية، مستفيدةً من تعقيدات المشهد الإقليمي والدولي، لكن النجاح النهائي يعتمد على قدرتها على تحقيق توازن بين الضغوط الداخلية والخارجية.

الأكثر قراءة:

اترك رد

شعار موقع هوسة
شعار موقع هوسة