ترامب يُعيد رسم خريطة الاقتصاد العالمي: حرب رسوم جمركية وركود تضخمي يهددان النظام الدولي

الرئيس الامريكي دونالد ترامب

ترامب يضرب الحلفاء والخصوم برسوم جمركية غير مسبوقة

في خطوة تُنذر بزلزال اقتصادي، فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسومًا جمركية بنسبة 25% على واردات الصلب والألومنيوم من كندا والمكسيك، و10% إضافية على الواردات الصينية، مع تهديدات بفرض 25% أخرى على الاتحاد الأوروبي. هذه الاقتصادات الأربعة، التي تشكل 61% من واردات الولايات المتحدة من السلع، تواجه الآن موجة حمائية قد تُعيد تشكيل العلاقات التجارية العالمية.

ويرى الاقتصادي البريطاني البارز مارتن وولف في مقال بصحيفة “فايننشال تايمز” أن هذه القرارات تُنهي عصر العلاقات التجارية الليبرالية التي قادتها الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، وتُعزز تحالفًا مثيرًا للجدل مع روسيا على حساب أوروبا.

انهيار الثقة الدولية: تداعيات سياسية واقتصادية خطيرة

لم تقتصر قرارات ترامب على الجانب الاقتصادي، بل امتدت إلى تعليق المساعدات العسكرية لأوكرانيا، مما وضع كييف أمام خيار “الاستسلام أو الهزيمة”، بحسب وولف. هذا التخلي عن الحلفاء أثار سخطًا دوليًا، خاصة مع تلميحات عن تقارب أمريكي روسي.

ويحذر خبراء من أن هذه السياسات ستُلحق أضرارًا طويلة المدى بالثقة بين الولايات المتحدة وحلفائها. ففي الوقت الذي تُحاول فيه أوروبا تخفيف تأثير الرسوم الجمركية (التي تمثل 2.9% فقط من ناتجها المحلي)، تُعتبر الخطوة الأمريكية بمثابة “إعلان حرب اقتصادية” قد تُفجر حربًا تجارية عالمية.

هل نشهد عودة الركود التضخمي؟ تحذيرات من “الأيام المظلمة”

في ظل تزايد المخاوف من تراجع النمو الاقتصادي، حذّر كبير خبراء الاقتصاد في “موديز أناليتيكس” مارك زاندي من أن سياسات ترامب قد تعيد الولايات المتحدة إلى “الركود التضخمي” الذي شهدته السبعينيات، حيث يقترن ارتفاع الأسعار بتباطؤ النمو.

وتشير بيانات حديثة إلى أن توقعات التضخم بلغت أعلى مستوياتها منذ 30 عامًا، بينما انخفض إنفاق المستهلكين بأكبر وتيرة منذ 2020. كما تراجعت طلبات المصانع الجديدة لأدنى مستوى منذ 5 سنوات، مما دفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض توقعات النمو للربع الأول من العام إلى -2.8% سنويًا.

الاتحاد الأوروبي في مرمى النيران: ردود فعل ومخاطر

رغم أن الرسوم الجمركية الأمريكية على الاتحاد الأوروبي قد تكون أقل تأثيرًا نظرًا لاعتماده المحدود على الصادرات إلى الولايات المتحدة، إلا أنها تُعتبر “جهلًا اقتصاديًا” بحسب وولف. وتدرس أوروبا إجراءات مضادة لحماية صناعاتها، مما ينذر بتفكك النظام التجاري العالمي القائم على القواعد.

مستقبل الاقتصاد الأمريكي: بين التخفيضات الضريبية والأسوأ لم يأت بعد

يُلقي التقرير الضوء على تناقض سياسات ترامب الاقتصادية، حيث تستمر التخفيضات الضريبية لعام 2017 في تعميق العجز الفيدرالي (الذي يبلغ 6% من الناتج المحلي)، بينما يحاول سد العجز التجاري عبر الرسوم الجمركية. ويُشبه خبراء هذا النهج بـ”محاولة تسطيح بالون ممتلئ”، مؤكدين أن تكلفة هذه المغامرة ستطال الولايات المتحدة نفسها عبر تراجع الاستثمارات وتفاقم التضخم.

الخلاصة:
بين حربه الاقتصادية على الحلفاء، وانحيازه المثير للجدل نحو روسيا، يُدخل ترامب العالم في مرحلة من عدم اليقين، حيث تتصارع المصالح القومية الضيقة مع مصير النظام العالمي. والسؤال الذي يبقى: هل ستتحمل الاقتصادات الناشئة وحلفاء الولايات المتحدة تكلفة هذه “العاصفة”؟ أم أن البيت الأبيض سيكون أول الخاسرين؟

الأكثر قراءة:

اترك رد

شعار موقع هوسة
شعار موقع هوسة