مصر تحشد أوروبا والعرب لمواجهة خطط ترامب

السيسي وترامب

مصر.. صخرة الصمود في وجه التهجير

في خضم تصاعد التصريحات الأمريكية المثيرة للجدل، والتي يقودها الرئيس دونالد ترامب، بشأن تهجير سكان غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وإنشاء ما يعرف بمشروع “ريفيرا الشرق الأوسط” تبرز القاهرة كحصن منيع يدافع عن الحقوق الفلسطينية ويرفض أي مساس بوحدة الأرض والسكان. عبر حزمة من الإجراءات الدبلوماسية والسياسية، نجحت مصر في حشد دعم عربي ودولي لمواجهة هذه المخططات، مستندةً إلى رؤية استراتيجية تقوم على رفض التهجير، ودعم إعادة الإعمار دون اقتلاع السكان، وتعزيز الحل السياسي العادل. فكيف فعلت ذلك؟

1. حشد الدعم الأوروبي: اتصالات دبلوماسية مكثفة

أجرى وزير الخارجية المصري، بدر عبدالعاطي، سلسلة من الاتصالات والمباحثات مع نظرائه الأوروبيين خلال الشهر الماضي، لتوضيح الموقف المصري الرافض للتهجير، وطرح رؤية بديلة تركز على إعادة الإعمار مع بقاء السكان.

  • في 8 فبراير 2025، أجرى عبدالعاطي اتصالاً هاتفياً مع وزير الخارجية البرتغالي باولو رنجير، مؤكدًا أن أي تصورات لمستقبل غزة يجب أن تشمل وحدة الضفة الغربية وقطاع غزة، وعودة السلطة الفلسطينية لإدارة القطاع، مع بقاء السكان خلال مراحل التعافي وإعادة الإعمار.
  • شدد عبدالعاطي في اتصالاته على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار، ومعالجة الكارثة الإنسانية في غزة، مشيرًا إلى التعاون المصري مع الأمم المتحدة لتنفيذ مشروعات عاجلة في مجالات المياه والصحة.
  • لم تكن هذه الاتصالات منفصلة عن السياق الدولي؛ فمصر استغلت علاقاتها التاريخية مع أوروبا لتذكيرها بخطورة التهجير على استقرار المنطقة، وهو ما وجد صدىً في مواقف دول مثل فرنسا وألمانيا، التي أعلنت رفضها لأي نقل قسري للسكان.

2. حشد الجبهة العربية: موقف موحد ضد التهجير

لم تكن مصر وحدها في خندق الرفض؛ فقد نجحت في توحيد الصف العربي عبر بيانات رسمية وتحركات دبلوماسية، منها:

  • بيان الجامعة العربية: في بيان صدر عن اجتماع وزراء الخارجية العرب، تم التأكيد على رفض أي تهجير لفلسطينيي غزة، ودعم الموقف المصري والأردني، مع الإشارة إلى أن السلام لن يتحقق إلا بقيام الدولة الفلسطينية على حدود 1967.
  • الموقف السعودي: دعمت الرياض موقف مصر بشكل قاطع، وأصدرت بياناً شديد اللهجة وصف التهجير بأنه “جريمة تهدد الأمن الإقليمي”.
  • الأردن شريك الاستراتيجية: عبر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي عن رفض بلاده القاطع للتهجير، قائلاً: “حل القضية الفلسطينية في فلسطين، والأردن للأردنيين، وفلسطين للفلسطينيين”.

3. التنسيق مع الأردن: تحالف استراتيجي ضد المخططات

تعزز التعاون المصري الأردني خلال الأسابيع الماضية عبر سلسلة من اللقاءات والاتصالات رفيعة المستوى، منها:

  • زيارة وفد أردني رفيع إلى القاهرة في أواخر يناير 2025، حيث ناقش الجانبان سبل تعزيز التضامن العربي، ورفض أي حلول تمس بالحقوق الفلسطينية.
  • اتصال هاتفي بين عبدالعاطي والصفدي يوم 27 يناير، أكد خلاله الجانبان على ضرورة وحدة الموقف العربي، ورفض الضغوط الأمريكية لاستيعاب اللاجئين.
  • مشاريع إنسانية مشتركة: تعمل مصر والأردن على تنسيق إدخال المساعدات إلى غزة، مع التأكيد على أن الإعمار يجب أن يتم دون تهجير السكان، وهو ما تم التعبير عنه في بيان مشترك بين البلدين.

4. قمة عربية طارئة: تجسيد الوحدة في لحظة فارقة

في خطوة استباقية لمواجهة تصريحات ترامب، طلبت القاهرة عقد قمة عربية طارئة في 27 فبراير 2025، بحضور قادة الدول العربية، وذلك لمناقشة الأزمة الفلسطينية وتداعيات مخطط التهجير.

5. رؤية مصرية بديلة: إعمار غزة دون تهجير

لم تكتفِ مصر بالرفض؛ بل قدمت رؤية متكاملة لإعادة إعمار غزة، ترتكز على:

  • خطة إعمار بالشراكة مع الأمم المتحدة: تتضمن مشاريع عاجلة في مجالات المياه والصرف الصحي والصحة، مع ضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
  • ربط الإعمار بالحل السياسي: تؤكد القاهرة أن إعادة الإعمار يجب أن تكون جزءاً من عملية سياسية تؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية، وهو المخرج الوحيد لتحقيق الاستقرار.
  • دور الجيش المصري كرادع: عبر تحديث التسليح وتعزيز القدرات الدفاعية، أكدت مصر أن جيشها القوي يحمي حدودها ويوفر سنداً لمواقفها السياسية.

6. المواجهة بوضوح

أعلنت مصر بشكل واضح على لسان رئيسها عبدالفتاح السيسي، أن التهجير هو “ظلم” لن تشارك به إطلاقًا، كما نقلت صحيفة “واشنطن بوست” أن القاهرة سلمت رسالة إلى الكونجرس الأمريكي والبنتاجون تضمن أن هذه الخطوة قد تعرض اتفاقية السلام في خطر، كما سافر وزير الخارجية بدر عبدالعاطي إلى الولايات المتحدة لتوضيح موقف مصر، والتجهيز لزيارة مرتقبة للرئيس السيسي إلى واشنطن.

7. تحركات عسكرية

انتشرت خلال الفترة الماضية فيديوهات كثيرة عن تحركات عسكرية مصرية لتأمين سيناء، الأمر الذي أزعج تل أبيب.

رسالة مصر إلى العالم

تواجه مصر مخططات التهجير ليس بالخطابات فحسب، بل بخطوات عملية تعكس عمق إستراتيجيتها:

  • الشرعية الدولية كمرجعية لأي حل.
  • الوحدة العربية كسند للقضية الفلسطينية.
  • القوة الرشيدة التي تحمي الحقوق دون استفزاز.

في النهاية، تثبت مصر مرة أخرى أنها حجر الزاوية في معادلة الشرق الأوسط، قادرة على تحويل التحديات إلى فرص لتعزيز السلام.

الأكثر قراءة:

رد واحد على “مصر تحشد أوروبا والعرب لمواجهة خطط ترامب”

اترك رد

شعار موقع هوسة
شعار موقع هوسة