في خطوة نوعية تعكس حجم التعاون الاستراتيجي بين القاهرة وباريس، وقعت مصر اتفاقية تاريخية لإطلاق مشروع متكامل لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته في منطقة رأس شقير، وذلك على هامش زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى البلاد.
الاتفاقية، التي أُبرمت بين الهيئة العامة لموانئ البحر الأحمر وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، تأتي بالشراكة مع تحالف الوقود الأخضر المكون من شركة EDF Renewables الفرنسية وشركة Zero Waste المصرية/الإماراتية، وتُعد واحدة من أبرز مشروعات التحول نحو الاقتصاد الأخضر في المنطقة.
حضر مراسم التوقيع الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، والدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، إلى جانب وزير الاقتصاد الفرنسي إريك لومبار. وقد وقّع الاتفاقية من الجانب المصري اللواء محمد عبد الرحيم والمهندس إيهاب إسماعيل، ومن جانب التحالف السيد عمرو الصواف والسيدة بياتريس بوفون.
استثمارات ضخمة.. وتمويل كامل من القطاع الخاص
وبحسب ما أعلنه الفريق كامل الوزير، فإن المشروع يُنفّذ بالكامل بتمويل من القطاع الخاص دون تحميل الدولة أي أعباء مالية أو التزامات بالبنية التحتية، حيث خصصت الدولة الأراضي فقط بينما تتولى الشركة تطوير جميع مكونات المشروع.
ويستهدف المشروع إنتاج مليون طن من الأمونيا الخضراء سنويًا بحلول عام 2032، على ثلاث مراحل تبدأ أولها في 2029 بإنتاج 300 ألف طن سنويًا، وذلك باستثمارات تُقدّر بـ2 مليار يورو للمرحلة الأولى فقط، على أن تصل القيمة الإجمالية إلى 7 مليارات يورو.
مشروع من دون أعباء.. وبمردود اقتصادي مستدام
الميزة اللافتة لهذا المشروع أنه لا يعتمد على مرافق الكهرباء التابعة للدولة، ولا يتطلب بنية تحتية حكومية، كما أن الدولة لن تتحمّل أي التزامات مالية. وفي المقابل، ستحقق عوائد كبيرة من رسوم الترخيص، ومقابل الانتفاع بالأراضي، وضرائب التصدير، بالإضافة إلى الاستفادة من العملة الأجنبية إذ تُسدّد الرسوم بالدولار.
أبعاد تنموية وفرص عمل مصرية
أوضح الوزير أن المشروع سيخلق فرص عمل ضخمة خلال مراحل التشييد والتشغيل، مع التزام شركة المشروع بتأهيل الكوادر المصرية، بحيث تصل نسبة العمالة المحلية إلى 95%. كما يُتوقّع أن يسهم المشروع في نقل الخبرات العالمية وتوطين الصناعات المرتبطة بإنتاج الوقود الأخضر مثل الألواح الشمسية والتوربينات.
إضافة جديدة إلى البنية البحرية وموقع مصر العالمي
سيتم تطوير رصيف شحن بطول 400 متر وعمق 17 مترًا لخدمة المشروع، ضمن خطة متكاملة لتعزيز قدرات مصر البحرية على البحر الأحمر دون أي تكاليف على الدولة. كذلك سيتم إنشاء وحدة لتحلية مياه البحر لتوفير المياه المطلوبة لتشغيل المصنع، وممر كهربائي بطول 7 كيلومترات لنقل الطاقة من مواقع التوليد.
رؤية خضراء مستقبلية
أكد الوزير أن هذا المشروع يجسّد رؤية مصر في أن تصبح مركزًا عالميًا للطاقة النظيفة، ويدعم التزاماتها في اتفاقيات المناخ الدولية مثل اتفاقية باريس ومخرجات مؤتمر COP27. كما أنه يفتح آفاقًا واسعة أمام الاستثمار الدولي، ويعزز مكانة مصر كمحور رئيسي في خريطة الوقود الأخضر عالميًا.
من خلال هذا المشروع، تُظهر مصر التزامًا فعليًا بالتحول الأخضر، ليس فقط عبر إطلاق المبادرات، بل من خلال شراكات فاعلة ومشروعات كبرى تُبنى على رؤية اقتصادية مستدامة، دون تحميل الدولة أية أعباء، بل بجني عوائد متعددة اقتصاديًا وبيئيًا وتنمويًا.
اترك رد