حذر الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، من تداعيات الحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين على حركة التجارة العالمية، وانعكاساتها السلبية المحتملة على إيرادات الممر الملاحي الاستراتيجي. وأوضح أن فرض رسوم جمركية أمريكية جديدة على البضائع الصينية يمثل تحدياً إضافياً أمام القناة التي تواجه بالفعل تحديات متعددة بسبب الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة.
وكشف ربيع، خلال مؤتمر صحفي عقده اليوم الخميس، عن متابعة إدارة القناة عن كثب للمتغيرات الاقتصادية العالمية، مشيراً إلى أن البضائع الصينية تشكل نسبة كبيرة من إجمالي حركة التجارة المارة عبر قناة السويس، مما يجعل أي إجراءات تؤثر على تدفق هذه البضائع ذات تأثير مباشر على معدلات العبور والإيرادات.
تأثير الحرب التجارية على معدلات العبور بقناة السويس
أكد رئيس هيئة قناة السويس أن الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على الصين مؤخراً ستؤثر حتماً على حركة التجارة العالمية، وبالتالي على حركة الملاحة في قناة السويس. وأوضح أن البضائع الصينية تمثل شريحة واسعة من إجمالي البضائع العابرة للقناة، وأن أي تراجع في حجم هذه البضائع سينعكس سلباً على معدلات العبور.
وأشار ربيع إلى أن التأثيرات السلبية للرسوم الجمركية الأمريكية لم تظهر بشكل ملموس حتى الآن، وذلك في ظل قيام الصين بفرض رسوم جمركية متضاعفة على البضائع الأمريكية كإجراء مضاد، مما أدى إلى نوع من التوازن المؤقت في حركة التجارة العالمية.
وأعرب رئيس الهيئة عن توقعاته بتراجع وتيرة القرارات المتعلقة بالرسوم الجمركية خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن إدارة قناة السويس تتابع عن كثب هذه المتغيرات وتضع الخطط البديلة للتعامل مع مختلف السيناريوهات المحتملة.
خسائر قناة السويس بسبب الأوضاع السياسية الإقليمية والعالمية
لم تقتصر التحديات التي تواجه قناة السويس على الحرب التجارية بين القوى الاقتصادية الكبرى فحسب، بل امتدت لتشمل الأوضاع السياسية المضطربة في المنطقة وفي مناطق أخرى من العالم. وكشف الفريق أسامة ربيع أن الأوضاع في منطقة البحر الأحمر وباب المندب كبدت القناة خسائر فادحة تجاوزت 7 مليارات دولار خلال العام الماضي.
وأوضح ربيع أن هذه الخسائر الكبيرة حدثت رغم أن قناة السويس تبعد عن منطقة التوتر في البحر الأحمر بنحو 1200 ميل، مما يعكس حجم التأثير غير المباشر للأزمات الإقليمية على حركة الملاحة البحرية العالمية.
وأضاف أن هذه الخسائر تأتي في وقت تسعى فيه مصر إلى تعظيم الاستفادة من الممر الملاحي الاستراتيجي كمصدر رئيسي للعملة الصعبة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد.
قناة السويس كممر ملاحي عالمي وسط الأزمات
شدد رئيس هيئة قناة السويس على أن القناة تظل ممراً ملاحياً عالمياً للتجارة بمنأى عن أية أزمات سياسية وعسكرية، مؤكداً التزام مصر بضمان حرية الملاحة وسلامة السفن العابرة للقناة. إلا أنه استدرك قائلاً إن القناة تتأثر في النهاية بحكم موقعها الجغرافي بالأزمات المحيطة بالمنطقة.
ونوه ربيع إلى أن آخر تهديد لحركة الملاحة البحرية بالبحر الأحمر كان في ديسمبر الماضي، مشيراً إلى أنه لا يمكن الجزم بحسم التهديدات بشكل كامل حالياً، وأن الوضع يتطلب متابعة مستمرة وتنسيقاً دولياً لضمان أمن الملاحة البحرية في المنطقة.
وأكد أن إدارة القناة تعمل بالتنسيق مع الجهات المعنية محلياً ودولياً لتأمين حركة الملاحة وتقليل المخاطر المحتملة، مشدداً على أن قناة السويس تظل خياراً آمناً واقتصادياً للسفن العابرة بين الشرق والغرب.
مؤشرات التحسن وتوقعات المستقبل
رغم التحديات المتعددة، أبدى الفريق أسامة ربيع تفاؤله بتحسن حركة الملاحة في قناة السويس تدريجياً حتى يونيو المقبل. وتوقع استعادة جميع التوكيلات الملاحية لحركة مرورها الطبيعية عبر البحر الأحمر وقناة السويس بنهاية عام 2025، مشترطاً لذلك توقف هجمات الحوثيين بشكل كامل.
وأشار إلى وجود مؤشرات إيجابية بالفعل، حيث شهدت حركة الملاحة بقناة السويس تحسناً ملحوظاً في شهر مارس الماضي، إذ ارتفع المتوسط اليومي للسفن المارة من 30 سفينة إلى 42 سفينة يومياً، مما انعكس إيجاباً على الإيرادات التي بلغت نحو 335 مليون دولار خلال الشهر نفسه، بزيادة نسبتها 8.8% مقارنة بشهر يناير من العام ذاته.
وأوضح أن هذه المؤشرات الإيجابية تعطي أملاً في إمكانية تعافي حركة الملاحة بالقناة تدريجياً، خاصة إذا استمرت الجهود الدولية لتهدئة الأوضاع في المنطقة وضمان أمن الملاحة البحرية.
تأثير الأوضاع السياسية على حركة الملاحة
لفت رئيس هيئة قناة السويس إلى العلاقة الوثيقة بين الاستقرار السياسي وحركة الملاحة البحرية، موضحاً أن الزيادة التي شهدتها القناة في حركة الملاحة والإيرادات خلال شهر مارس تواكبت مع فترة توقف الحرب على قطاع غزة، بعد توصل كل من حركة حماس وإسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 19 يناير.
وأضاف أن هذا التحسن لم يستمر طويلاً، إذ استأنفت إسرائيل حربها على القطاع في 18 مارس، مما أدى إلى عودة حالة التوتر في المنطقة وانعكاساتها السلبية على حركة الملاحة البحرية.
وشدد على أن استقرار الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة يمثل عاملاً حاسماً في استعادة قناة السويس لمعدلات العبور الطبيعية، مؤكداً أهمية الجهود الدبلوماسية الدولية لتسوية النزاعات في المنطقة.
تواجه قناة السويس، أحد أهم الممرات الملاحية في العالم، تحديات متعددة تتراوح بين الحرب التجارية بين القوى الاقتصادية الكبرى والأوضاع السياسية والأمنية المضطربة في المنطقة. ورغم هذه التحديات، تبدي إدارة القناة تفاؤلاً حذراً بإمكانية تحسن الأوضاع تدريجياً خلال الفترة المقبلة، مع توقعات باستعادة معدلات العبور الطبيعية بحلول نهاية عام 2025، شريطة استقرار الأوضاع في المنطقة.
وتبقى قناة السويس، رغم كل التحديات، شرياناً حيوياً للتجارة العالمية وركيزة أساسية للاقتصاد المصري، مما يجعل استقرارها وازدهارها هدفاً مشتركاً للمجتمع الدولي.
اترك رد